الخوارج (حضارة، فرق، سياسة شرعية)

Contenu

Titre
الخوارج (حضارة، فرق، سياسة شرعية)
Date
2012
Résumé
اختلفت دلالات هذا المصطلح في كتابات الإباضيَّة وغيرهم، وأبرزها دلالتان: الأولى: هم الذين رفضوا توقيف القتال في معركة صفين سنة ٣٧ه / ٦٥٨م، ولم يقبلوا التحكيم وما نتج عنه، ولم يرتضوا الانحراف عن نهج النبي ولالي والحكم الراشدي. الثانية: هم الذين حكموا على غيرهم من المسلمين بالشرك؛ فاستحلوا دماءهم وأموالهم وسبي نسائهم، وأخذوا بظاهر قول اللّٰه وحمل : (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) [الأنعام: ١٢١]. ومتقدموا الإباضيَّة لا ينكرون نسبتهم إلى الخوارج بالمعنى الأول بوصفه خروجاً سياسيّاً، ويرفضون بشدَّة حشرهم في زمرة الخوارج بمعنى المروق من الدين. أما أصحاب المقالات فلا يعتبرون هذا الفارق الجوهري في المصطلح؛ وبسبب هذا الخلط اضطر المتأخرون من الإباضيَّة إلى رفض هذه النسبة مطلقاً اتقاء للأحكام الدينية الخطيرة المنجرة عنها. ويعرِّف الإباضيَّة الخوارج بأنهم الذين يحكمون على مخالفيهم بالشرك، ويبيحون الخروج على الإمام بالسلاح من غير مبرر مشروع، ولا تحسُّب للعواقب. ويعتبر الإباضيَّة من يقوم بمثل هذا الفعل خارجاً عن الدين؛ كما كان شأن الأزارقة في عهد الأمويين. وقد صرَّح عبدالله بن إباص في رسالته إلى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بعدائه للخوارج بهذا المفهوم وقال: «... إنَّا برآء إلى اللّٰه من ابن الأزرق وصنيعه وأتباعه، لقد كان حين خرج من الإسلام فيما ظهر لنا، ولكنه أحدث وارتد وكفر بعد إسلامه، فنتبرأ إلى اللّٰه منهم». كما كان الإمام جابر بن زيد يلقى الخوارج ويناظرهم في حرمة دماء المسلمين. أما فعل أبي بلال مرداس بن حدير، وهو من المحكّمة الأولى فهو فعل المعارض الواعي الخارج عن السلطان الجائر؛ لأنه يرى أن الإقامة: «على الرضا بالجور لَذَنْب، وأن تجريد السيف وإخافة الناس لعظيم». لذلك اختار السير في أرض اللّٰه وعدم تجريد السيف ما دام السلطان وجنوده لم يلاحقوهم بأذى، فإن أرادهم السلطان وقومه بظلم حقَّ لهم الامتناع عنهم دفاعاً عن النفس. ويفيد استقصاء بعض المصادر أن مصطلح الخوارج لم يكن متداولاً بلفظه قبل سنة ٦٤ه / ٦٨٣م، عام انقسام المحكَّمة إلى قَعَدَة وخوارج، وترجَّح بعض الدراسات أنه تم توظيف هذا المصطلح، في بعده الديني، في العهد الأموي استناداً إلى روايات حديثية لأغراض سياسية، وذلك لمّا كثر الخروج على دولتهم ومجمل القول: إنّ الإباضيَّة الذين ارتضوا لأنفسهم تسميات مثل: أهل الدعوة والاستقامة، وأهل الحق والاستقامة، يرفضون لفظ الخوارج تسميةً ولقباً لهم، ويعتبرون ذلك من التنابز بالالقاب. فإذا اتضحت اليوم مدلولات الخوارج عند الإباضيَّة وموقفهم من هذه الطائفة، وعلى من يطلقونها، لم يعد مقبولاً دينياً ولا علمياً إطلاق هذه اللفظة عليهم.
Place
مسقط
Langue
ara
volume
1
numéro d’édition
2
pages
309

Position : 65920 (2 vues)